-->

شروط النجاة من الخسران - بقلم الأستاذ عبد اللطيف بنسالم

شروط النجاة من الخسران
بعد انقضاء شهر رمضان الذي اكتسبنا فيه شحنة ايمانية و قربا من الله و مرور الأيام الأولى من شوال ، أحسسنا إقبالا على الدنيا و ملذاتها و بدأت الشحنة الإيمانية تضعف فحَريٌ بنا أن نجدد العهد مع الطاعات و نتجنب الموبقات خاصة و نحن مقبلون على موسم الأفراح و المسرات فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يجددون ايمانهم بملاقات بعضهم البعض و كانوا يختمون لقاءاتهم بتلاوة سورة العصر مرددينها كأنها نشيدهم الرسمي فما العلاقة بين سورة العصر و تحديد الايمان . هذه السورة قال عنها الإمام الشافعي رضي الله عنه : " لو ما نزل من القرآن الا سورة العصر لكفت الناس " فهي جديرة بالتأمل فيها و في معانيها فهذه السورة تتحدث عن النجاة من الخسران و صفات المؤمنين الذين يرجون من الخسران في أي عصر فهي تبدأ بتأكيد تلو التأكيد من قسم الله بالعصر الى لام التأكيد و غيرها على أن الناجين من الخسران لابد أن تتوفر فيهم صفات خمس:
لزوم الجماعة فالله سبحانه يتحدث عن الخسران مخاطبا الانسان كفرد في بداية السورة ثم ينتقل الى صيغة الجماعة فلم يقل سبحانه : الا الذين آمن بل قال :
  • " إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا" فلزوم الجماعة شرط من شروط النجاة من الخسران و أول الجماعة تأدية الصلاوات في المساجد و الالتزام بها فالمؤمن يشعر أنه ليس وحده يقاوم في نزغات الشيطان و حديث النفس الأمارة بالسوء كالجندية الذي يقاتل في مجموعة فيزدان بذلك ثباتا و رسوخا في الدين و يزداد كذلك ايمانا ، ألم يقل الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام :

    "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان"
    و قال أيضا عليه الصلاة و السلام :
    "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد"


      "ما من ثلاثة نفر في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".


    أما الصفة الثانية فهي الايمان الحقيقي ، يقول الله تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(4)﴾ الانفال
    الصفة الثالثة :  
    العمل الصالح الجماعي و الرسول صلى الله عليه و سلم :
    "يد الله مع الجماعة"
    و الله سبحانه و تعالى يقول : 
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ
     لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) ﴾. ( سورة الحج).
    فلم يقل اركع و اسجد و افعل الخير فالجهد الجماعي ضروري خاصة في مرحلة النهوض بالامة ة اقلاعها و المثل العامي يقول : يد واحدة لا تصفق
    الصفة الرابعة : التواصي بالحق : و هو التذكير بما هو صواب حتى نتجنب الباطل ففي الحديث :" الدين النصيحة" و في الأثر : "لا خير في قوم لا يتناصحون و لا خير في قوم لا يقبلون النصيحة"
    كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها



    ان التنبيه للاخطاء بسبيل الاصلاح و طريق للتقدم و الرقي بالأمم 
    الصفة الخامسة : التواصي بالصبر 
    كل عمل يحتاج الى صبر فطريق النجاة من الخسران فيه كثير من العقبات و الصبر أنواع منها الصبر على الطاعة و الصبر على عدم ارتكاب المعاصي و الصبر على احتمال الاخرين و ميولاتهم و أفكارهم و أقوالهم 
    قال الله تعالى : وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)
    هذه الصفات أردت أن أسوقها لعل الله ينجينا من  كل خسران في الدنيا و الاخرة و الله موفق لكل خير   


TAG

عن الكاتب :

Name

Email *

Message *